أنقذوا المشهد الثقافي والأدبي بتافيلالت
تعيش درعة تافيلالت الجهة الثامنة إداريا بالمملكة المغربية، ركودا ثقافيا وأدبيا جَلِلاً، ففي مقابل وفرة الطاقات الفَتية التي من شأنها أن تَخُطَّ أسَارير التنمية الثقافية والأدبية والفكرية بوجه عام بالجهة، لا كينونة للتأييد المادي ولا المعنوي، مما يجعلنا أمام استعلام ذو بالٍ، فيما تتجلى مكامن الخلل؟
أصابع الإتهام تشار إلى كل المعنيين بالشأن الثقافي للجهة، فليس هنالك أثر دون مؤثر، وليست هنالك وجوه مُشرِّفة دون اكتشاف واكتراث وافٍ بما تم اكتشافه، في أغلب مناطق الجهة لا نجد تشجيعا من لدن مؤسساتها التعليمية، ولا اهتماما بشذرات الإبداع التي تبدو على بعض التلاميذ والطلبة، عكس المدن الداخلية مثلا التي تتوفر على زخم من الأطر الأدبية والفنية المقترنة بدور “الكاشف عن القرائح المبدعة”، في حين أن خير ما يقام بتافيلالت إنبلاج نجم قلة من الطلاب في النوادِ الأدبية ليتم إجلاؤهم بعد ذلك إلى جزيرة التقصير والغرة، فرُبَّ طالب أبدع وتلألأ في الثانوي فارتطم بالواقع المُر بعد تخطيه تلك المرحلة التعليمية، أما الفرد المدني فلا حظ له في الإكتشاف ولا التأطير إلا إذا اتخذ لنفسه نهجا خاصاً..
إفتقار لدور الثقافة تامة الأنحاء، وكذا دُور الطباعة والنشر والترجمة، وتكاليف منيفة عند التوق لاقتناء الكتب والروايات من أوكارها داخل “أشباه المكتبات”، وغياب أطر مكتشفة ومواكبة للكُتاب المبتدئين، يجعلنا نندد بسوء التدبير الثقافي بالجهة، طارحين أسئلة جمة حول ما إذا لم يكن لأبناء تافيلالت المشروعية في التعبير عن الخوالج وإبداء الرأي في سطور متماسكة، آخذين بأيادي بعضهم البعض صوب العلا.
في مقابل الصدى الإبداعي المكبوح لأفراد الجنوب الشرقي يُطرح سؤال ثانٍ، ما مكانة المطالعة وطلب العلم بينهم؟
من خلال التأمل المتمعن في تلاميذ وطلبة تافيلالت، وأفرادها المدنيين عامة، نجد اهتماما واضحا بطلب العلم واستيفاء المعرفة بشتى الذرائع المتاحة، كيف لا والمنطقة على مر التاريخ ظلت تنجل علماء وأدباء وشعراء رغم ما كابدوه من عجز في المناهل المؤازرة، إنسلوا في الأفق باحثين عن ذواتهم بين كبار المثقفين بالمغرب، فلا بيت يخلو من فرد على الأقل مبالٍ بالثقافة والعلم، لذا فإن المطالعة من أجل الدراية وتنمية المكتسبات الثقافية كانت ولا زالت ماثلة بقوة بين أفراد الجنوب الشرقي، لكن كلما داومت الأيام شهد الموقع الثقافي تراجعا وركودا، مما لا يجعل الطاقات المبدعة ثقافيا بتافيلالت ترى النور البته راجعة أدراجها للخلف، ثاوية بأقساط متتالية، أو تراه بعد شقاء مسهب بموجب الإهمال واللادعم..
رغم كل ما تم ذكره، لا زالت المنطقة تعيش على أنقاض الماضي الثقافي المشهود له بالتميز والتألق، آملين كأفراد لهذه الجهة المنسية في تحسن المشهد الثقافي الأدبي الحالي بشبابه الطموحين المبتغين معانقة الفلاح وتحدي الصعاب.