في ذكرى ثورة الملك والشعب..انتفاضة سكان مدغرة بالرشيدية ضد المستعمر الفرنسي سنة 1954.(1)
بقلم سيدي محمد حمداوي
باحث في التاريخ المحلي لمنطقة تافيلالت ومدغرة .
في هذا الوقت بالذات صعدت المقاومة المسلحة الوطنية إلى قمم الجبال بمنطقة خنيفرة وغيرها، و ظهرت عدة عمليات فدائية بعدد من المناطق بالموازاة مع تمرد سكان مكناس عن حراسة باشا مكناس الذي رفضه السكان وهدد بالقتل، حيث لم يجد المستعمر بدا سوى توظيف حراس جدد لحماية المنحازين والخونة واتباعه.
وقد قامت السلطات الفرنسية بمعية القائد بإعطاء أمرها لشيوخ مدغرة بتجميع السكان كل على حدى بمشيخته تحت ذريعة انتقاء يد عاملة لترسل إلى الدار البيضاء، ولهذا الغرض وضع برنامج زيارة اللجنة التي ستقوم بعملية الانتقاء انطلاقا من مشيخة أولاد الحاج التي تجمعت ساكنتها بالساحة الكبرى أمام مدخل قصر أولاد الحاج، والتي فقدت الآن خاصيتها التاريخية والتراثية والمعمارية بترامي بعض السكان على جنباتها، وفي المرحلة الثانية مشيخة سيدي أبو عبد الله التي تجمعت ساكنتها كذلك بالساحة أمام مدخل قصر سيدي أبو عبد الله، وأخيرا مشيخة تازناقت.
وقد كان وصول اللجنة المكونة من الضابط (جوليان ) JULIEN والقائد ومجموعة من القوات المساعدة بأسلحتهم إلى قصر أولاد الحاج يوم 20/8/1954 على الساعة11 صباحا بعدما عانى السكان من طول الإنتظار وشدة الحرارة، وكان لرجال المقاومة السرية بالمنطقة والذين كانت لهم صلة وصل بالحركة الوطنية بالمشيخة تنظيم محكم حيث كونوا لجنة مضادة تجلى دورها بالأساس في التصدي وإحباط عمل اللجنة الاستعمارية القادمة
وقد كان من بين رجال القوات المساعدة المدعو الفيلالي أحمد من قصر أولاد الحاج الذي اسر للجنة المقاومة السرية أن الأسلحة التي بحوزته وأصحابه فارغة من البارود، وأكد
له أن الغرض من حضور اللجنة هو اختيار حراس من بين السكان، بعدما كانت هذه الأخبار قد وصلتهم قبل ذالك اليوم من طرف بعض أعضاء المقاومة.
وقد شرعت لجنة المستعمر في الإختيار ، حيث عزلت عن السكان السادة:
– حسناوي الحاج محمد من قصر أولاد الحاج
– عبداوي علالي بن الطالب عمر من قصر الزاوية البكرية
– بوروس العربي من قصر أولاد الحاج.
في هذه اللحظة اشتد غضب السكان وبتحريض من أعضاء المقاومة السرية قام السادة:
– زعتر الوزاني من قصر اولاد الحاج
– الحجوي احمد من قصر ايت مسعود
– العروسي محمد من قصر القصيبة
بالتلفظ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عربونا عن انطلاق الجهاد فتبعهم الباقون برشق اللجنة بالحجارة الذي أسفر عن كسر سيارة الضابط جوليان والقائد المرافق له
وأما النساء فكان دورهن تشجيع المناضلين بالزغاريد لحشد همهم.
اما السيدان:
– بنمومن الحاج أحمد من القصر الدخلاني
– حمداوي بريكي من قصر اولاد الحاج.
فكان دورهما رفع العلم الوطني على شرافة برج بأولاد الحاج. بعدما أن كانوا قد خططوا لهذه العملية من بعيد بشراء الثوب وخياطة العلم، فكان هذا اليوم اسود على المستعمر وعملائه من قواد وشيوخ، فلم يسع اللجنة إلا أن لادت بالفرار إلى مركز قصر السوق وأرسلت قوات احتياطية بالطرقات المؤدية من قصر أولاد الحاج إلى المركز تحسبا لكل هجوم على المركز، ولم ينتهي دور المناضلين فيما سبق ذكره بل أرسلوا مبعوثا الذي هو المناضل ( لعروسي محمد ) إلى قصر سيدي أبو عبد الله ليخبر زملائهم المناضلين بما وقع بقصر أولاد الحاج في إطار التنسيق بين لجنتي المشيختين لتلقين المستعمر درسا آخر في النضال.
فذهبت لجنة المستعمر وفي نفس الصبيحة إلى قصر سيدي ابو عبد الله معززة بجنود وعتاد، وبوصول هذه الأخيرة مدخل القصر حتى أرسل أحد المقاومين من قصر اسرير حجرة ضربت يد الضابط جوليان مما جعله يلود بالفرار هو ومن معه ، وفي المساء رجع الضابط المذكور معززا ب600 من الجنود مسلحين ، فنصبوا الخيام والمدفعية إلى باب القصر و أحاطوا به من جميع الجوانب وطلبوا من السكان فتح باب القصر للتفاوض فرفضوا ، وفتح المستعمر الباب بالقوة ؛ وصار الجنود و العملاء يجولون بين أزقة القصر بحثا عن متزعمي الإنتفاضة، وحاصروا هذا القصر لمدة 15 يوما وفرضوا على أهل مدغرة عقوبات تجلت في:
• إطعام 600 جندي وخيولهم.
• السجن لمجموعة من المناضلين ( سندرج لائحة بعضهم
في أخير المقال).
• غرامة قدرها 4 دراهم لكل فرد ‘’صائم”.
• تحديد وقت الدخول والخروج لسكان قصر سيدي أبو عبد الله إلى قصرهم.
• دبح عجل أو بقرة لإطعام الجنود كل يوم.
ولم تقف أطماع المستعمر الى هذا الحد بل وصلت به الشراسة الى إتلاف المحصولا ت الزراعية بالمنطقة.
• محاكمة المناضلين
خلال محاكمة المناضلين التي كانت مدة سجنهم تتراوح بين سنة و6 أشهر نودي على المناضل لحبيب حمص من قصر سيدي أبو عبد الله ليسمع منطوق الحكم فنطق الحاكم أن للسجين المذكور ثلاثة أشهر سجنا نافدة فرد عليه السجين لحبيب حمص بعباراة ( ما بقى لك في بلادنا هذه المدة ).
لائحة للسجناء من قصر سيدي ابو عبد الله:
– رشيدي مولاي احمد بن الرشيد العلوي
– سيدي محمد بن امحمد شيخ المشيخة
– الحسناوي محمد بن خالي
– حبيبي بن محمد
– نجيب المداني لعسول
– المهدي باعلي
– الخال المهدي
– الموس العساوي
– عفيفي مولاي احمد بن الحسن
– بلخو احمد
– حسناوي احمد بن احمد
– بوبكر حبيبي
– المهدي بن يوسف قباش
– احمد سي احمد بن لحبيب
– الحسني مولاي هاشم بن الغالي
– حمص لحبيب
– خصيري محمد بن لحبيب-
– خضيري العساوي بن الجلالي
– السليماني محمد بن الوزاني
– حسني مولاي احمد بن الحسن
– حدادي عبد الزهيد
– علال بن الجيلالي
– مولاي الحسن بن العربي
– نجيب احمد بن المداني
– العربي بن محمد
مهداوي مولاي المهدي بن هاشم
– محمد بن علي رشيدي
– مولاي الحسن بن محمد.
من قصر تيطاف:
– الجيلالي بن عبد الله
– الوزني بنمعمر (عند نقله جعلت له العصابة على عينيه ) -التهامي الحاج بنمعمر.
من قصر القصبة الجديدة:
– حمادي بن خالي
– مكاوي مولاي الحسن
– حسني مولاي التهامي
– الطالب بن عبد الله بن عبد القادر
من قصر اسرير:
– الخال المهدي
– امحمد ولد سيدي احمد
– الصابوني بلحاج
– سي احمد باعلي
من قصر القصيبة:
– علال بن الجلالي
– علالي بن المهدي
من قصر ايت مسعود:
– ناصري محمد بن حبيبي
من قصر تسكدلت:
– الفاضل علالي
– امحمد بومزبرة
– لحبيب بن العربي.
من قصر اولاد الحاح:
– حمداوي بريكي
– زعتر الوزاني
– شروك محمد
– الحاج عبد الله بن علي
– بروس العربي
– الحسناوي محمد.
من قصر الزاوية البكرية:
– عبداوي علالي بن الطالب عمر.
من قصر الدخلاني:
– بن مومن احمد بن الطيب.
زيادة عن السجن عوقب هؤلاء المناضلين بأشغال البناء داخل مدينة قصر السوق.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختار المستعمر يوم 20/8/1954م يوم الذكرى الأولى لثورة الملك والشعب ليقوم بهذه العملية؟ هل كان ذلك لجس نبض المواطنين في أول ذكرى لثورة الملك والشعب ؟ وإحباط مخططات المقاومة؟
لقد سبقت الإشارة وفي المواضع السابقة أن مدغرة قدمت مناضلين ومجاهدين ضد الإستعمار الفرنسي وكانت أرضها مسرحا للعدد من المعارك والوقعات:
معركة مسكي، وقعة مسكي ، وقعة قصر السوق، وقعة رحمة الله، وقعت الدار الحمراء، وقعت تاردة، وكذلك كانت محل انتفاضات.
وبالمناسبة لا يفوتني الترحم على رموز المقاومة بهذه المنطقة وهم كثيرون أسدوا للوطن خدمات جلية في الخفاء والعلانية نذكر منهم:
1 المهدي ولد سي عبيد الذي عقبه بأزرو
2 الحاج الطيب بن الحاج علي الذي اعدمه المستعمر عام1919م.
3 حمزة بن الحاج علي الذي استشهد بمعركة المعاضيد
4 شريفي سيدي محمد بن المبارك.
5 مولاي احمد بن المهدي
6 بن عبد الله عقبه با يتزر
7 العمراوي الحاج احمد
8 الجراري الحاج المهدي.
9 الصابوني محمد.
10 طلبة القرويين الذين كانوا صلة وصل بين الحركة الوطنية والمقامين، وغيرهم كثيرون من مات منهم ومن بقي أطال الله في عمره.
ملاحظة:
الرواية الشفوية بالمنطقة تشفي الغليل في هذا الموضوع.
تزخر الجرائد الفرنسية بهذا الحدث وأديع على شاشة الإداعة في يومه.
الهوامش:
الرواية الشفوية للسادة:
1 المرحوم باتوا الحاج احمد.
2 العروسي محمد
3 حمداوي بريكي بن علي