منبر الجهة8

أيهما أحق بتقرير المصير الصحراء الغربية أم الصحراء الشرقية ؟

المختار العيرج

ينصب الاهتمام أحيانا على قضية و هي لا تستحق ذلك، و المثال في هذا المضمار هي قضية الصحراء المغربية، فهذه المنطقة لم تثر الاهتمام لا قبل الاستعمار و لا بعده، فبعد الاتفاق على تقسيم المغرب بين اسبانيا و فرنسا خضعت للاحتلال الاسباني مثلها مثل كل التراب المغربي، فلا هي كانت موضوع بنود في اتفاقيات معروفة و لا شكلت استثناء يميزها عن غيرها .
أما الصحراء الشرقية فهي الفخ الذي سعت القوى الأجنبية المتعاقبة على حكم الجزائر لنصبه بإمعان ، فظلت حاضرة بقوة في الاتفاقيات و المعاهدات ، مع الأتراك ثم مع فرنسا، ففي اتفاقيات باريس لسنة 1901 و 1902 شكلت الحلقة الأهم و في معاهدة للامغنية حظيت بالبنود الأكثر حساسية و أهمية، و في بروتوكول 1961 بين الحكومة الجزائرية المؤقتة و المغرب كانت المحور و النقطة الفريدة و في معاهدة الأخوة و حسن الجوار ظلت هي المسكوت عنه المثير للكوابيس و المخاوف، فرغم تسطير الحدود و توقيع الاتفاقية من قبل أعلى سلطتين في البلدين، و رغم نشرها في الجريدتين الرسميتين للدولتين، و رغم تبادل وثائق التصديق في الأمم المتحدة و رغم .. و رغم .. فإن الصحراء الشرقية ستبقى كالشوكة في الحلق و كالحصى المزعجة في الحذاء و كالكابوس الذي لا مجال للتخلص منه لأن فرنسا أحكمت إغلاق الفخ و أخذت معها المفتاح .
فما من الصحرائين تستحق أن تشكل نقطة خلاف و موضوع مفاوضات و تنقيب في الوثائق و المستندات و من ثمة التدويل ؟
الصحراء الغربية المغربية لم يطرأ عليها و على سكانها تغيير كبير، فالاستعمار خرج كما دخل بدون تغيير في رسم خطوط الحدود و لا عبث بالناس، في حين أنه في حالة الصحراء الشرقية ظل يتسلل لهذا التراب كما يتسلل اللصوص و ظل يضغط و يغري المفاوضين المغاربة لتغيير المعالم و الوقائع على الأرض فخلف بسبق اصرار و ترصد مآسي انسانية و كوارث ترابية ورثتها دولتا المغرب و الجزائر بعد استقلالهما، رسم للحدود اعتمادا على معالم طبيعية غير ثابتة : كالوديان مثلا، و تشتيت الأسر بين بلدين غير متفقين مما ترتبت عنه حالات خرق فاضحة للميثاق العالمي لحقوق الانسان و لكل المواثيق الدولية في هذا المضمار … أوضاع إنسانية كفيلة بإلغاء الاتفاقيات و المعاهدات مادام الانسان فوق كل الماديات و المكاسب الترابية .
فما هي الصحراء التي تستحق حكما ذاتيا و تقريرا للمصير و استفتاء في الموضوع ؟
بدون أدنى شك هي الصحراء الشرقية التي تستحوذ الجزائر على ترابها و تقتسم مع المغرب الكثير من سكانها، و صار البعض منهم أثناء الاستعمار جزائريا و البعض الآخر مغربيا بمنطوق البند الخامس من معاهدة اتفاق باريس، و حافظت الدولتان بعد الاستقلال على نفس الوضعية و بنفس المواصفات و الخطط الموضوعة من قبل فرنسا .
و لأنه بعد هذه المقارنة صار واضحا أن البون شاسع بين الصحراء الغربية المغربية التي تقترح لها المملكة حكما ذاتيا و تطالب لها الجزائر بتقرير المصير الذي يعني في قاموسها الاستقلال.. و بين الصحراء الشرقية التي شغلت تركيا و فرنسا و المغرب و الجزائر بعد استقلالهما، فما الحل لهذه المنطقة و لسكانها المشتتين بين المغرب و الجزائر ؟ أهو الحكم الذاتي و كيف سيستقيم مع المفهوم المتعارف عليه دوليا في حالة تواجد السكان في دولتين، فهل يمكن تصور حكم ذاتي في إطار دولتين ؟ و هل هو تقرير المصير الذي يجب أن ينفتح على خيار الاستقلال أو اختيار إحدى الدولتين ؟

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى