
آثار غرس شجر النخيل، بشارع مولاي علي الشريف بالرشيدية، موجة انتقاد واسعة من طرف العديد من ساكنة المدينة ورواد الفضاء الأزرق.
وعبر العديد من ساكنة المدينة ومتتبعي الشأن المحلي، عن إمتعاضهم من عملية زرع شجر النخيل على جنبات الشارع المذكور، استنادا على خلفية بيئية وجمالية، حيث بادر بعض الفاعلين السياسيين إلى إطلاق عريضة إلكترونية موجهة إلى المجلس الجماعي لمدينة الرشيدية تنتقد من خلالها إمعانه في اعتماد سياسة تشجير غير ملائمة للمناخ المحلي، قائمة في معظمها على زرع أشجار النخيل فقط، رغم محدودية ظلها، وضعف تأثيرها في خفض درجات الحرارة أو ترطيب الأجواء؛ وهو ما يؤكد حسب العريضة غياب رؤية بيئية حقيقية تراعي طبيعة المناخ الجاف وشبه الصحراوي للمنطقة المعروف بارتفاع درجات الحرارة وتفاقم آثار التغيرات المناخية.
و اعتبرت العريضة أن التوجه الذي يعتمده المجلس الجماعي لا يستند إلى دراسات علمية أو مقاربات بيئية مستدامة، بل يبدو و كأنه يخضع لمعايير جمالية سطحية أو مصالح ضيقة لا تضع صحة المواطن وراحته ضمن الأولويات. والأدهى، أن أشجار النخيل يتم اقتلاعها من ضيعات خارج المدينة وتُنقل إلى الرشيدية دون شروط فنية سليمة، مما يؤدي إلى تلف بعضها، أو تركها مرمية في الشوارع والأرصفة، في صورة مهينة للبيئة والذوق العام.
و أضافت العريضة المذكورة أنه في مقابل هذا الوضع هناك العديد من الأشجار الظليلة والمناسبة للمناخ المحلي، كأشجار الخروب، اللبخ، التيبوانا، الباولونيا، وغيرها… وهي أشجار معروفة بقدرتها على توفير الظل الحقيقي للمارة، تحسين جودة الهواء، امتصاص ثاني أكسيد الكربون، رفع الرطوبة النسبية و تعزيز التنوع البيولوجي الحضري.
و طالب الموقعون على العريضة بإيقاف سياسة التشجير العشوائي المعتمدة على نوع واحد من الأشجار غير الظليلة موازاة مع إعداد مخطط بيئي حضري تشاركي يأخذ بعين الاعتبار المناخ المحلي، ويعتمد على تشكيلة نباتية متنوعة وفعالة بيئيا.
و شدد الموقعون على ضرورة إشراك الخبراء البيئيين، والجمعيات المحلية، وسكان الأحياء في أي مشروع تشجير جديد، و كذا تفعيل مبدأ المسؤولية البيئية في كل البرامج والمشاريع الحضرية.
و في سياق متصل ربطت جريدة “الجهة الثامنة” الإتصال هاتفيا مع رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرشيدية الدكتور سعيد كريمي، لاستقصاء رأيه حول الجدل الدائر بخصوص غرس أشجار النخيل بالشارع الرئيسي للمدينة؛ حيث عبر هذا الأخير، أن هذا الجدل تقف وراءه إحدى الصفحات الالكترونية المحسوبة على تيار سياسي معين، و التي سعت إلى التهويل من غرس أشجار النخيل بجنات بعض شوارع مدينة الرشيدية، بدلا من أصناف أخرى من الأشجار المورقة التي توفر الظل في إطار الصفقة المتعلقة بالجاذبية السياحية والاقتصادية والاجتماعية للمدينة.
و أكد رئيس المجلس الجماعي في معرض تصريحه للجريدة، أنه في إطار توضيح الأمر، و تقريب المواطن الرشداوي من الموضوع أكثر، على أن المجلس الجماعي لمدينة الرشيدية يؤكد تشجيعه لحرية التعبير عن الرأي المخالف، وتثمينه، ورسملته، سواء أكان هذا الرأي صادرا عن أناس ذاتيين، أو مؤطرين من داخل تنظيمات سياسية، أو جمعوية، أو نقابية، عبر مختلف الوسائل الحضارية، ومنها البيانات، أو البلاغات، أو العرائض الالكترونية…، معتبرا في الوقت نفسه أن التعبير عن الرأي بشكله القانوني يعد مظهرا من مظاهر التمدن، وبلوغا لدرجة عليا من الممارسة الديموقراطية.
وأضاف رئيس المجلس الدكتور كريمي، أن المجلس يعتبر أن كل انحراف عن الموضوعية في إصدار الأحكام القيمية، يدخل في باب المزايدة السياسوية ليس إلا، وتشويشا على كل عمل بناء يروم المصلحة العليا للمدينة وساكنتها؛ مذكر أن المجلس السابق لجماعة الرشيدية الذي كان يقوده حزب العدالة والتنمية قام بعقد صفقة بمآت الملايين من الدراهم لشراء وغرس نخيل دخيل على التربة الثقافية للمدينة، وهو المعروف بـ”الواشنطونية” بثمن بلغ 4882.50 للشتلة الواحدة، وهو متواجد بشكل كبير بشارع المسيرة في اتجاه المركب الثقافي أولاد الحاج، وكذا بشارع الحسن الثاني أمام الكليتين وقصر أمزوج، ناهيك عن 500 نخلة مثمرة بثمن بلغ 2945 درهم للنخلة الواحدة، والوثائق موجودة رهن إشارة الجميع؛ موضحا أنه على عكس المجلس السابق فقد استفادت جماعة الرشيدية مع المجلس الحالي من أزيد من 1000 (ألف نخلة) من الصنف الجيد مجانا وبدون مقابل من السيد الدرهم مشكورا، وتحملت فقط بعضا من أعباء نقلها وغرسها، خاصة على امتداد المؤدي إلى تجزئة العمران، وأماكن أخرى.
و أوضح رئيس المجلس الجماعي في معرض تصريحه للجريدة، أن شجرة النخيل المباركة تعكس بجلاء بعضا من هوية المدينة، وخصوصيات الجنوب الشرقي ذي الطابع الواحي شبه الصحراوي، وأن ما تقوم به المقاولة المكلفة بالإنجاز، هو تنفيذ لما جاء في دفتر التحملات المصادق عليه على مستوى شارع مولاي علي الشريف، وشارع المسيرة، حيث يمكن للجميع الاطلاع على ذلك عبر بوابة الصفقات العمومية بكل شفافية.
و في معرض تعليقه على العريضة التي تم إطلاقها بهذا الخصوص فقد أكد – رئيس المجلس – على أن تاريخ هذه العريضة جاء في غير محله، حيث كان من الأحرى إبداء الملاحظات والإقتراحات قبل صياغة المشروع والمصادقة عليه، وإخراجه في حلته النهائية لحيز الوجود، خصوصا وأن الحزب صاحب المبادرة الذي يختبئ خلف صفحة إلكترونية معروف صاحبها بانتمائه الحزبي، وبكونه عضو في المجلس السابق، كان بإمكانه التعبير عن وجهة نظره من خلال ممثليه في المجلس الحالي قبل بلورة الصفقة بشكل نهائي – معتبرا- أن هذه الشوشرة الإعلامية المفتعلة في هذا الوقت بالذات يعتبر مزايدة سياسوية، ونقاشا مجانيا شعبويا، الغاية منه زرع الفتنة والتشكيك في كل ما يقوم به الفاعلون السياسيون، ومبادراتهم البناءة، وتسفيه العمل الجماعي، والظهور بنوع من الطهرانية إزاء الرأي العام المحلي والجهوي والوطني.
و أوضح رئيس المجلس الجماعي في تصريحه، أن مشروع الجاذبية السياحية ليس ملكا لجماعة الرشيدية لوحدها، بل هو مشروع مشترك بين عدد من الشركاء؛ و بكون فكرة تزيين الشوارع الرئيسة بأشجار النخيل لم تصدر عن المجلس، بل من شريك آخر احترمنا رأيه، لكونه كان فاعلا أساسيا في تمويل المشروع.
وطمأن الدكتور كريمي مواطني ومواطنات المدينة، أن مشروع الجاذبية السياحية للمدينة يتضمن أيضا غرس أشجار أخرى من غير النخيل، وهي البراشيشيتون والجاكراندا… والإحتفاظ بكل الأشجار المتواجدة حاليا في أفق إضافة أشجار أخرى للتزيين، فضلا عن الورود والأزهار…
وختم رئيس المجلس الجماعي للرشيدية الدكتور سعيد كريمي تصريحه بكلمة وجهها لكل القائمين على أساليب التشويش الشعبوية الممنهجة قائلا “اتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ “. صدق الله العظيم.