الرشيديةسياسة

هذه القصة الكاملة وراء صناعة و تسريب “الوثيقة الفضيحة” بجماعة الرشيدية

أثار انتشار وثيقة تتعلق بـ “إذن باستخراج قطعة أرضية” موقعة من طرف النائب الرابع لرئيس المجلس الجماعي لمدينة الرشيدية، ادريس بوداش، المنتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية، على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي،  جدلا واسعا في صفوف متتبعي الشأن العام، حيث ووجهت بموجة استنكار واسعة لما تضمنته من خروقات مسطرية وموضوعية خطيرة.

وتناسلت على مواقع التواصل الاجتماعي، صرخات مواطنين ومتهمين بالشأن العام، حول “الوثيقة” التي وصفت ب”الفضيحة” حيث تبرز استغلالا فاضحا للنفوذ وللتفويض المخول لنائب رئيس جماعة الرشيدية، من أجل ضمان تحقيق منافع شخصية وذاتية.

نائب رئيس الجماعة يتجاوز صلاحياته ويوقّع وثيقة مثيرة للجدل

و اطلعت جريدة “الجهة الثامنة” على مضمون الوثيقة المذكورة، و الموقعة من طرف النائب الرابع لرئيس المجلس الجماعي للرشيدية، بتاريخ 29 يوليوز 2025، حيث يتعلق الأمر بإصدار “إذن باستخراج قطعة أرضية” مساحتها 06 هكتارات 42 آر و 90 سنتيار موضوع قرار مجلس الوصاية 104 م.ع.03-21، من مطلب التحفيظ عدد 14/38883  لفائدة شركة أطلاريس بيرو؛ حسب مضمونها، حيث تطرح هذه الوثيقة العديد من التساؤلات حول قانونيتها، خاصة أن النائب الرابع الموقع على الوثيقة مكلف بالممتلكات الجماعية و لا حق له في التوقيع على وثيقة تتعلق بمجال التعمير الذي هو تحت مسؤولية النائب الثاني للرئيس؛ حفيظ حمداوي، المنتمي إلى حزب الاستقلال.

تضارب مصالح صارخ.. الموقّع على الوثيقة هو مسيّر الشركة المستفيدة

المعيطات المتوفرة لدى الجريدة، تفيد بكون موقع الوثيقة، النائب الرابع لرئيس جماعة الرشيدية، كان قد اقتنى الأرض المذكورة من الجماعة السلالية الخنك، في إطار ودادية أنشأها منذ سنوات خلت، إلا أن مسطرة التحفيظ لم تتم لصعوبات قانونية وواقعية، ليشرع في تحويل الودادية الى شركة خاصة، وتصبح هذه الأخيرة هي مالكة العقار السلالي في أصله، وبالتالي يصبح هو مالك الشركة مالكة العقار، لغرض استثماري واضح، على خلاف منطق انشاء الوداديات السكنية، التي تهدف الى مساعدة فئة مجتمعية على تملك سكنها الخاص، بقيمة مالية منخفضة.

وحسب ما تتوفر عليه جريدة الجهة الثامنة، من وثائق، فإن الطرف الموقع و الموقع له هما نفس الجهة، على اعتبار أن الشركة المذكورة تعود ملكيتها للنائب المذكور حسب البيانات المتضمنة في السجل التجاري بالمحكمة الابتدائية بالرشيدية منذ 2011/08/24، و هو ما يضعه وجها لوجه أمام تضارب صارخ للمصالح وفقا لأحكام المادتين 64 و65 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.

هذه الكواليس الكاملة لتوقيع الوثيقة وتسريبها للعموم

وعملت جريدة ” الجهة الثامنة” على التواصل مع مصادر مقربة و جد موثوقة للمزيد من استجلاء حقيقة هذه الوثيقة التي لا يمكن تصنيفها إلا في خانة الفضيحة السياسية؛ حيث أكدت هذه المصادر للجهة8، أن الوثيقة لم يتم التوقيع عليها بقرار من مكتب المجلس الجماعي، ولا علم لا  للرئيس، ولا لأعضاء المكتب بوجودها أو بحيثياتها، كما أن تاريخ توقيع تلك الوثيقة أي 29 يوليوز 2025 صادف سفر رئيس المجلس لحضور حفل الولاء بمدينة تطوان.

المصادر ذاتها أكدت، أن الرقم المدرج داخلها11. 7/ 0001، كرقم للصادرات، يتطابق مع وثيقة صادرة مسبقا عن مكتب ضبط المجلس  بتاريخ 20 فبراير  2025، بينما الوثيقة الحالية مؤرخة ب20 يوليوز 2025، أو قد يكون يحيل الى سجل صادرات مصلحة التعمير بالجماعة، وهو ما قد يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية تورط أطراف أخرى في تسهيل عملية اصدار هذه الوثيقة.

وحصلت الجريدة على معطيات، لم تتأكد من صحتها، تفيد بكون المعني بالأمر قد صنع و أصدر الوثيقة، و قام بمسحها ضوئيا ووضعها داخل مجموعة واتساب تضم المستفيدين من التجزئة السكنية المراد إحداثها عبر تقسيم أرض سلالية تابعة لجماعة الخنك، من أجل طمأنتهم و دفعهم إلى مزيد من الاستثمار، خصوصا و أن عددا منهم يطالبون باستمرار النائب المذكور بتقديم وضعية التقدم في اقتناء وتحفيظ الارض، و عدد منهم باسترجاع الأموال المقدمة في إطار الحصول على بقعة سكنية.

المصادر نفسها، تقول أن الوثيقة المتداولة، وصلت الى موقع التواصل الاجتماعي، الفايسبوك، عبر تسريب من أحد العاملين السابقين لدى النائب الرابع المعني، في إطار نشاط الصحافة والاعلام منذ سنوات 2018، والذي كان مكلفاً بالاشتغال على مواضيع تتعلق بخصومه السياسيين، إلا أن خلافا خفيا معه، فجر عملية “الانتقام” هذه، ليسارع إلى حذفها من على جداره على الفايسبوك دقائق بعد نشرها، بتدخل خارجي. تقول المصادر.

إلى أين تتجه عاصفة “الوثيقة الفضيحة” ؟

مصدر قانوني، متخصص في المنازعات العقارية، أكد للجريدة أن ملكية النائب الرابع موقع الوثيقة، للشركة المستفيدة من عملية تقسيم أرض سلالية، تشكل فعلا تضاربا للمصالح وفق المادة 65 من القانون التنظيمي للجماعات، و بالتالي فإن رئيس الجماعة ملزم وجوبا بإخبار السلطات الولائية التي تتولى عن طريق رئيس المجلس مراسلة المعني بالأمر للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه في أجل لا يتعدى عشرة أيام، ابتداء من تاريخ التوصل وفقا للمادة 64 من القانون التنظيمي 113/14، قبل توجيه الملف للمحكمة الإدارية، وتوقيف النائب إلى حين بث المحكمة الادارية.

وذلك اعتبارا لمقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، التي تنص على أنه ”يمنع على كل عضو من أعضاء مجالس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية، التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقود للامتياز أو الوكالة، أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافعة العمومية للجماعة، أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجته أو أصوله أو فروعه، وتطبيق نفس الأحكام على عقود الشركات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها”.

نشطاء غاضبون … دعوات لتفعيل القانون وترتيب الجزاءات

و جاءت تعليقات رواد وسائل التواصل الإجتماعي على هذه الفضيحة السياسية في ما تبقى من عمر المجلس الحالي، مستنكرة لهذا الفعل؛ حيث عبر “رشيد” أحد متتبعي الشأن المحلي بالمدينة قائلا “”،

وتساءل حمزة شحيليف، فاعل مدني حول ما اذا كان نائب الرئيس قد وقع في تضارب المصالح بتوقيع وثيقة لفائدة شركته الخاصة، فيما تساءل رشيد حمدي، باستغراب شديد حول عملية تحفيظ 6 هكتارات من أجل المنفعة الخاصة و بقاء المحطة الطرقية لمدينة الرشيدية بدون تحفيظ الى اليوم، معتبرا ما قام به النائب، سلوك غير مقبول ومدان ويتحمل السيد النائب عواقبه، أما عبد الكريم زهيدي، فاعل مدني وسياسي، فقد نشر تدوينة تضم أرقاما، حيث خلص الى ان هذه الوثيقة ستمكن الشركة المعنية من الحصول على حوالي 120 مليون درهم، باعتبار أن ثمن البقعة الواحدة هو 20 مليون سنتيم، و أن 6 هكتارات ستضم 600 بقعة من فئة 100 متر، وبالتالي ستوفر هذه الوثيقة الملايير على صاحبها.

أما عبد الحق أكومي، فاعل مدني، أكد أن تدخل سلطة الوصاية أصبح ضروريا وفق فصول القانون المنظم للجماعات الترابية و أن هذه الأخيرة ستبقى مجمدة إلى أن يأتي من يطالب بتحريكها، مشيرا إلى أن المسألة أصبحت مسألة رأي عام محلي على الاقل ، الذي ينتظر التوضيح بعيدا عن الاتهامات ، وهذا مطلوب من المجلس برمته أغلبية ومعارضة”.

ودعا عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الى تحرك السيد الوكيل العام للملك قصد فتح تحقيق قضائي حول شبهة التزوير واستغلال النفوذ و كذا والي جهة درعة تافيلالت وعامل عمالة اقليم الرشيدية، قصد تفعيل مسطرة العزل واحالة الملف على أنظار القضاء، خصوصا أن هناك مخالفة جسيمة تتعلق بتجاوز مجال التفويض، التي توجب تفعيل العزل.

و حاولت جريدة ” الجهة الثامنة” التواصل مع مجموعة من الأطراف المتدخلة في موضوع اصدار الوثيقة، إلا أنها لم تتلق أي رد الى حدود الساعة، خصوصا النائب المعني، الذي عملت الجريدة على التواصل معه هاتفيا وعبر تطبيق الواتساب، دون جدوى، فيما ستعمل الجريدة على متابعة تطورات هذه الوثيقة تنويرا للرأي العام.

 

 

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى