أزمة الشوباني الإدارية تفسد فرحة جهة درعة تافيلالت بمجلسها الجديد.. والمدير العام رأس الأزمة

محمد موساوي
اعتبر الكثير من المراقبين أن الموسم السياسي الحالي بجهة درعة تافيلالت «موسم استثنائي» على اعتبار أنه بدأ هادءً مع انطلاقته، بعدما شهدنا خلال الفترة الماضية من تدبير شؤون الجهة أحاديث هنا وهناك عن اختلالات وسوء تدبير، وتمسك الرئيس المطرود بزمام الأمور بالترهيب وبث الفتنة وزرع الشقاق في صفوف المنتخبين واطر الجهة، وغير ذلك من السلوكيات المشينة التي «أشعلت» الموسم السياسي المنصرم، وفوتت فرصة التنمية بالجهة.
أما الرئيس الجديد لمجلس جهة درعة تافيلالت أهرو أبرو، المدير الجهوي للاستثمار الفلاحي بسوس العامرة لازيد من عقد والمستشار التقني لوزير الفلاحة السابق، رغم كونه أحد الوجوه الإدارية ذات النجاحات المتعددة من خلال عمله الإداري بمجال الفلاحة والتنمية القروية وفك العزلة، إذ يعد من الخبرات الإدارية اللامعة التي انجبتها درعة تافيلالت.. ولكنه لم نلامس بصمته بعد ضمن «تأهيل ادارة الجهة» رغم علمه الأكيد بأنها ركيزة اساسية لبلورة وتنفيذ المشاريع، وهو ما لا يتماشى مع الننجاحات التي حققها والخبرات التي راكمها.
عندما نجد إدارة مجلس الجهة تهاوت إلى ما هي عليه الآن، فيجب أن نعلم أن هذا التهاوي والانحدار له أسبابه المنطقية، ولم يكن هذا التردي إلا إحدى المراحل المنطقية لسياسة إدارية فوضوية إقصائية، نهجها الشوباني في تسيير ادارة الجهة، حيث حارب النجاح والابتكار والمبادرة، معتمدا الفوضوية و العبثية، وإسناد الأمور إلى غير أهلها، وإضعاف الإدارة بتسليط نائبه عليها، والذي شاع فيها فسادا ببث اليات الرصد المتحركة من الأعوان والمتملقين من الموظفين الذين اعتبروا الشوباني ولي نعمتهم.
إذ يرى أن الحياد عنها هو خطر يهدد منظومة الفساد السابق ككل، وهنا تبرز أهم سلبيات البيروقراطية التي خلفها الشوباني قبل مغادرته مجلس الجهة.
نعم الإدارة في هذا النوع تحرص على أن تتدرج المسؤولية في أيدي من ترى أن وجودهم في المستويات الإدارية لا يمثل لهم خطرا، وذلك على حساب الجدارة والكفاءة الإدارية والمؤهل العلمي، حيث تصبح تلك المناصب من نصيب أشخاص قد يكون الفارق بينهم كبيرا بحسب معيار الكفاءة، وهنا تطغى المحسوبية والتقريب لاعتبارات شخصية قد يكون الضعف والانصياع للأوامر هو مؤشر للجودة في التعيين في هذه الحالات،لأن الإدارة توارثت ذلك المنطق الإداري.
من هنا، يحكم على الإدارة بعد مضي وقت من الزمن، فنرى أن التسلسل في المستويات الإدارية والأقسام والمصالح قد طغى عليه الخلل الكبير حتى أصبحت ادارة المجلس تعيش التخبط، فلا تجد هدف محددا، وتتلاشى -إن لم تكن موجودة- روح الفريق الواحد، والتهرب من المسؤولية شعار للجميع يعلقه صاحب الصلاحية في رقاب من ليس لهم حول ولا قوة، وبهذا الفكر يسود الظلم ويصبح جو العمل كئيبا مليئا بالمشاكل، فلا رضا لموظف ولا رضا لمرتفق.
هذه الإدارة ورثت فيها المناصب، فالمدير العام للمصالح الحالي مثلا مخلوق شارد عن النفس الاجابي الذي يشهده المجلس، إجابته «نعم، حاضر، وكما تشاء، اللهم يسر»، فيتشكل مخلوق مشوه أعيته كثرة العاهات فينكشف أمره ويهتك سره فيسود الظلم ويستشري، وتنقلب جميع المعادلات رأسا على عقب، وبالتالي تصبح تلك الإدارة مثار تساؤل ومساءلة من الداخل و المحيط، فتكثر الشكاوى والتذمر فالقرار بيد من لا يستطيع مع مرور الوقت أن يميز بين أبجديات العمل، ومع هذا الهوان ينكشف دهاء الشوباني ومقصده في اضعاف الادارة، فلا اثر لعبثيته الا ما كشفته تقارير لجن التفتيش، وما خفي أعظم مما توارى خلف كراكيز البيروقراطية بمفهومها القدحي، وهذا ما يفسر غيابه عن حفل تسليم السلط، فليس هناك ما يسلَم أصلا وليس هناك ما يخشى عليه أن يكشف، فالمشرف على هذا الامر من صنعه واعدده، لا يعزم عن أمر حتى بعد تنصيب الرئيس الجديد الا بمشورة الشوباني ونائبه.
وهنا يكمن السؤال الأهم: إلى متى يستمر هذا الحال، ومن يستطيع القضاء على هذه الظاهرة؟. والإجابة بكل وضوح وشفافية يلزمها تحفيز الحس التنموي من مدخل الادارة، من خلال المهنية الحقة، بتشجيع جميع منسوبي جميع الإدارات المكونة للجهة على عدم السكوت عن أي ظلم أو مظلمة،والتخلص من هواجس وطباع المرحلة البائدة وسلوكياتها المشينة لمرفق الجهة، فالكل يخدم جهة أعطت الكثير وتأمل منا الكثير، ويجب أن يؤخذ حق واعتبار الموظف مهما كان مستواه ومركزه الوظيفي، و ليبقى الجميع على وعي وإدراك أن الجاهزية الادارية ليس لها وجهان، ويجب أن يتقلد المناصب من وصلها بجده واجتهاده، وبكفاءاته المثبتة في شهاداته وابتكاراته وبحوثه وتطويره للعمل، ومساهماته الجماعية مع أفراد إدارته، مع تمتعه بالقدر الكبير من حب الزملاء وتعاونهم معه من باب الرغبة لا الرهبة.