سياسةمنبر الجهة8

هل سيتحول حزب العدالة و التنمية إلى حزب الدولة الأثير ؟

المختار العيرج

لحد الساعة لم أفهم بعد كيف انقلب ” تيار الاستوزار ” على بنكيران فيما كان يسميه بالبلوكاج، إذ أزاحوه و أبعدوه و سلموا القيادة في الحزب و الحكومة لسعد الدين العثماني .. ثم بعد انتخابات 8 سبتمبر يعيد تيار الاستوزار المقاليد لابن كيران بسلاسة و طواعية مثيرة .. و المدهش في هذا و ذاك مباركة القواعد لخطوة الأمس و خطوة اليوم .

منذ عقود لم تعد القواعد في بلادنا هي المتحكمة في اختيار القائد، فصار صناعة تدبر في الكواليس، و كان الاعتقاد أن حزبين فقط من كل الأحزاب المغربية هي التي تختار القواعد فيها القائد و كوكبته، لكن ما حصل أخيرا للبيجيدي يثير أكثر من سؤال : فهل عودة بنكيران كانت قرارا حرا أم أن الحزب دخل هو الأخر في ” المنطقة الخضراء “، و صار أمر القائد فيه يحدد في دوائر متعددة و أصبح دور القواعد هو التزكية في مجالسها و مؤتمراتها .

بنكيران الذي حصل على هذا التقاعد “الاستثنائي “، الذي يعني من بين ما يعنيه الخروج من المعترك السياسي في شكله المباشر، فظل مقبولا أن يدلي برأيه و أن يستشار، لكن مسألة عودته لتدبير شأن الحزب و قيادته لم تكن قرارا حزبيا محضا بل كان متوافقا عليه كما جرت العادة في أغلب الأحزاب المغربية، و يبدو أن هذا المسار في حزب العدالة و التنمية دشن مع تولي العثماني لرئاسة الحكومة و قيادة الحزب عقب ما سماه بنكيران بالبلوكاج و نعته لكوكبة المنقلبين عليه بتيار الاستوزار .

و السؤال الذي يطرح لماذا أقصي بنكيران البارحة و سمح له بالعودة اليوم ؟

لا شك أن حزب العدالة في هذا الظرف ليس هو حزب العدالة لما قاد الحكومة لأول مرة، فبعد تجربتين حكوميتين خرج الحزب منهكا و كاد أن يدخل في متاهات الانشطارات التي عرفتها قوى اليسار في الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي، لكن الفاعل السياسي المغربي في الدولة و حزب العدالة و التنمية تدارك الأمر في الشوط الأخير بعد تحقيق الأهداف في انتخابات 8 سبتمبر، فبعد هزيمة البيجيدي المرة كان من المصلحة العامة للبلاد إبقاء الحزب موحدا فخطه السياسي العام ” مقبول ” و قابل لأن يتطور في الاتجاه المرغوب فيه، و من شأن انقسامه و تحلله أن تتحول بعض شظاياه إلى روافد مغذية لاتجاهات مرفوضة و محاربة، لذلك ظلت الدولة تخص بنكيران بحظوة خاصة و تحتفظ به للمنعطفات الهامة و يعد ما بعد 8 سبتمبر أهمها على الاطلاق في تاريخ الحزب، فهل سيتحول في العقود المقبلة حزب العدالة و التنمية إلى حزب منخرط في أجندات الدولة و اختياراتها الآنية و المستقبلية كما جاء في مداخلة الداودي و تصير هي المحدد لتوجهاته و ليست مرجعيته المعروفة ؟

هذا هو السؤال الذي سيحدد بنكيران طرق الاجابة عليه بالتقسيط و عبر مراحل، و وفق شروط ترويض الأطر التي تميل لتدبير الشأن العام أكثر من ميلها لممارسة معارضة لا تفيد .

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى