بدأت فصول خلاف الجاني مع أسرة الضحية، عقب حريق شب في منزل الأول، و أدى إلى خسارته لدراجته ثلاثية العجلات، كان قد اقتناها من أجل “البريكولاج” أيام قبل حلول عيد الأضحى، لكنها لم تدر عليه مدخولا جيدا كما تخيله.
احتشد ساكنة الدوار، بمن فيهم افراد أسرة الضحية، خلال عملية إخماد الحريق، بكل الوسائل في تعاون منظم بين الجميع، حتى تمكنوا من إخماده و التقليل من الخسائر التي كان من الممكن للجاني تكبدها لو كان وحده.
ستمر عدة أيام بعد الحريق، و يقوم الجاني بوضع شكاية لدى المصالح المختصة، يتهم فيها أبناء الضحية بالتسبب بشكل مباشر في اندلاع الحريق في منزله وفي دراجته، ويتم فتح تحقيق في الحادثة، ويتأكد عدم ضلوع المتهمين فيها.
حكاية جريمة نُفذت مع رفع آذان الجمعة
الساعة تشير إلى الواحدة زوالا من يوم الجمعة الماضي، حيث كان الضحية يستعد للذهاب إلى المسجد من أجل أداء صلاة الجمعة، وكان مسجده لهذه الصلاة خاصا، مغايرا للمسجد الذي يؤدي فيه الصلوات العادية؛ توضأ الضحية و لبس جلبابه وهم بالخروج من منزله، الذي يقع بمحاذاة منزل الجاني .
الضحية في طريقه نحو المسجد، وبعد المرور أمام منزل الجاني، كان هذا الأخير يتربص به ويترصد خطواته، ليتبعه و يوقفه من الخلف، في مكان غير بعيد عن منزلهما، و يقوم بتوجيه لكمات إليه و طعنات في الصدر، حيث قاومه الضحية بما أوتي من قوة، لكن القوة الجسمانية للجاني، جعلته يحكم قبضته عليه، ويمرر على رقبته سكينا حادة سقط معها جثة هامدة.
تصادف تنفيذ الجريمة، مع خروج الأطفال من المدرسة، الأمر الذي دفعهم الى الصراخ وطلب حضور “الكبار”، وفي الوقت نفسه، عمد الجاني إلى العودة إلى مسكنه، مع إزالته لدم الضحية من على السكين قبل ولوجه المسكن للاحتماء به من هيجان ابناء الدوار والساكنة.
رصاص و خراطيش و قنابل مسيلة للدموع من أجل ايقاف الجاني
ظل الجاني بعد اللجوء الى مسكنه، يترقب الجو في الخارج عبر النافذة، التي تعرضت إلى الرشق بالحجارة من طرف الساكنة، التي احتشدت في جنبات المنزل، وشكلت حصنا بشريا من أجل منعه من الهروب الى حين حضور المصالح الأمنية لمباشرة عملية القاء القبض عليه.
حضرت المصالح الأمنية بمختلف تلاوينها (شرطة، قوات مساعدة، درك ملكي، وقاية مدنية…) و استخدمت كل الوسائل من اجل القبض عليه، إلا أنهم جوبهوا بمقاومة عنيفة من طرف الجاني، لمرتين متتاليتين، بسبب حمله لمدية وسكين كبيرة، ليتقرر في الثالثة تعزيز التدخل و استخدام الرصاص من اجل ثنيه عن المقاومة و تقويض حركته في الغرفة التي اتخذها حصنا له.
بدأت الساكنة تهتف بشجاعة عناصر الأمن و اعترتها حالة من الهيجان عند اطلاق النار عليه، و عند اقتراب اخراجه من مسكنه، حيث تم نقله مباشرة الى مصلحة المستعجلات لتلقي العلاجات اللازمة اثر اصابته في احدى اعضاءه الجسدية.
أحمد بن عبدالكريم .. قصة رجل ارتبط بأبناء الدوار وجدانيا
الأستاذ والمثقف والفقيه أحمد بن عبد الكريم، شغل في آخر حياته المهنية، منصب مدير مجموعة مدارس عمر ابن الخطاب بجماعة الرتب باقليم الرشيدية، و كان مربيا لكل أبناء الدوار الذي يستقر به رفقة أسرته، حيث يرتبط وجدانيا و اجتماعيا مع كل الساكنة المجاورة، بحكم البنية الاجتماعية التي ماتزال تحكم دواوير الجنوب الشرقي، والتي يسودها التكافل والتضامن والتعاون.
هو رجل استثنائي، استطاع بطيبوبته أن يدخل قلوب كل الساكنة، التي ارتبطت وجدانيا به بكل تلاوينها وبكل أعمار أبناءها؛ وهذا في كل المؤسسات التعليمية التي مر منها، والدواوير التي درس بها، فمنهم من حفظه القرآن و من داوم على نصحه و من كان له معينا في كل أمور حياته.
بعد مقتله، عجت صفحات الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، بصوره و شرائط فيديو له، تدعو فيها الى طلب الرحمة له، وتتضرع إلى الله أن يهب الساكنة و أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان، بعد فقدهم لأيقونة كان حاضرة في كل مناسباتهم و درست ابناءهم و ربتهم، وقومت اعوجاج سلوكاتهم و أرشدتهم إلى سلك الطريق السليم.
الجاني : أثار حنق الساكنة و استغل طيبوبة الضحية
(م.ب) من مواليد 1986 بمدينة مكناس، وفد الى مدينة الرشيدية رفقة عائلته، التي قررت التخلي عن مسكنها و الرحيل نحو احدى الديار الاوربية، ليظل هو يقض مضجع الساكنة، التي اشتكت الى السلطات غير ما مرة، من سلوكه المنحرف و من تعاطيه للمخدرات بشتى أنواعها بل وتمادى إلى اقامة نشاط تجاري يتمثل في بيعها بمنزل أسرته.
له سوابق عديدة في الضرب والجرح والاعتداء على الغير، سبق له ان سجن بإحدى المؤسسات السجنية بالمملكة، و شغل في حياته (حارسا) في احدى الحانات حيث اشتبك مع العديد من الزبناء وتم تقديمه امام المحكمة في غير ما مرة، بسبب سلوكه العنيف.
كان أبناء الدوار يتعرضون إلى التحرش طوال فترة تواجده، عند ذهابهم أو رجوعهم من المدرسة، و كذلك فتيات الدوار في مقتبل العمر، ولم يستثني حتى العائلات المجاورة، بسبب الضجيج و السلوكيات التي كان يفتعلها؛ وكان في كل مرة يتبجح بكونه يحمل “أوراق المرض العقلي”، وهو ما لم تتأكد منه الساكنة.
نُقل الجاني الى المستشفى، وضربت السلطات حراسة مشددة على غرفة تواجده، و حتى على مدخل منزله، بعد تواتر أخبار عن اعتزام الساكنة احراقه و هدمه عن آخره، كونه رزأهم في أيقونة كانت تشكل لهم إرثا معرفيا حقيقيا.