منبر الجهة8

يوسف الكوش يكتب…جهة درعة تافيلالت خارج مفهوم التنمية

رغم مرور سنوات على تبنّي المغرب لنموذج الجهوية المتقدمة، لا تزال جهة درعة تافيلالت تصنف ضمن أفقر الجهات من حيث مؤشرات التنمية البشرية والبنيات التحتية والإستثمارات؛ فبين شعارات الإصلاح والواقع المعاش، تعيش ساكنة الجهة في قطيعة تامة مع المفهوم الفعلي للتنمية، في وقت تتسارع فيه وتيرة التقدم بمناطق أخرى من المملكة.

تتكرر الخطابات الرسمية في كل مناسبة حول ضرورة “الإهتمام بالجهات المهمشة”، لكن درعة تافيلالت تبقى نموذجا صارخا للتفاوت المجالي؛ فمشاريع البنية التحتية، من طرق ومستشفيات ومؤسسات تعليمية، لا تزال محدودة، بل وعاجزة عن الإستجابة للحاجيات المتزايدة للساكنة.

ورغم بعض البرامج التنموية التي تم الإعلان عنها في السنوات الأخيرة، فإن أثرها على أرض الواقع يظل خافتا إن لم نقل منعدما، إما بسبب تعثر الإنجاز أو ضعف التمويل أو سوء التدبير المحلي، و غياب المحاسبة.

و تعاني أغلب الجماعات القروية بالجهة من عزلة خانقة، خاصة خلال فصل الشتاء؛ كما أن ساكنة المدن كمدن الرشيدية، ورزازات، تنغير، زاكورة وميدلت، تواجه تحديات كبيرة على مستوى الصحة، التعليم، والشغل، النقص الحاد في الأطباء، وقلة فرص العمل، وانعدام مناطق صناعية حقيقية، عوامل تكرس من مظاهر الإقصاء الإجتماعي؛ و ما يزيد من حدة المفارقة، هو أن الجهة تمتلك مقومات قوية تؤهلها لتكون قطبا اقتصاديا وسياحيا مهما، من حيث غنى مواردها الطبيعية والفلاحية الغنية، و كذا الطاقية و المعدنية إضافة إلى المؤهلات السياحية، وموقعها الإستراتيجي .

و الملاحظ أن كل هذه الإمكانات لا تزال رهينة غياب تصور تنموي شامل ومستدام، وضعف في استقطاب الاستثمارات، وغياب تنسيق فعلي بين مختلف المتدخلين؛ حيث أصبحت الساكنة اليوم تحمل المجالس الجهوية والمنتخبين إلى جانب الدولة مسؤولية التهميش، اعتبارا لفشها كمجالس في بلورة برامج تنموية حقيقية، و انحصار آدائها على المحطات الانتخابية والتجاذبات السياسية العقيمة؛ و هو عامل ينضاف إلى غياب العدالة المجالية في توزيع الثروات الوطنية، مما يعمق الفجوة بين الجهة و باقي الجهات، ويعمق الإحساس بعدم الإنصاف في جل مناطق درعة تافيلالت.

إن ما تعيشه جهة درعة تافيلالت اليوم هو إقصاء غير معلن من ركب التنمية، وإخلال بمبدأ العدالة المجالية الذي نص عليه الدستور؛ حيث بم يعد مقبولًا أن تبقى جهة بمثل هذه المؤهلات خارج خريطة المغرب النافع، مغرب السرعة الأولى، في زمن يفترض أن تكون فيه التنمية شاملة، لا انتقائية.

فالجهة تحتاج اليوم إلى زلزال إداري، سياسي واقتصادي حقيقي، ورؤية قادرة على إخراجها من غرفة الإنعاش، وتجعل من الساكنة فاعلة في مستقبلها، لا مجرد متفرجين على قطار التنمية وهو يمر دون أن يتوقف.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى