منذ أن عمم البنك الشعبي بطاقة الائتمان لم أعد أزور وكالتي البنكية الا في فترات محدودة و متباعدة زمنيا، و هذه الزيارات تكون خاطفة و لا تسمح بالملاحظات التي فرضت علي فرضا و أنا بصدد معاملة تقتضي الالتزام بالطابور الذي تحدده تلك الآلة التي يشرف عليها حارس أمين .
دخلت الوكالة من الباب الرئيسي فرأيت ثلاثة موظفين و أثار انتباهي ذلك الذي كان على اليسار، شاب في مقتبل العمر، و تذكرت القدامى لما فتحت حسابا بهذه الوكالة التي كانت أنذاك الوحيدة في المدينة، حضرت صورة الزاكي و الحمداوي و غيرهم، موظفون جمعوا بين المهنية العالية و الأخلاق الرفيعة، لا يميزون بين فلان و علان و لما يحرجهم أحدهم يصرفونه نحو مكتب المدير حتى لا يخدشوا احساس أحد .
جلست انتظر دوري و وجدت صديقا لي حضر قبلي بزهاء ساعة و انتظرنا ساعة أخرى و لم يحن دورنا، فالموظف الذي على اليسار ظل يستقبل في كل مرة زبونا غير ملتزم بالدور و الطابور، فانسحبت لأعود في اليوم الموالي لأصدم بنفس التصرفات و أؤجل المعاملة من جديد .
و يبدو أن ما بناه الرواد يهدم من قبل شباب كنا نعتقد أنهم أكثر حرصا على تخليق الحياة العامة، لكن للأسف يبهدل ” الفرس ” و لم يعد الزبناء يرونه فرسا جامحة معتدة بنفسها .