بناوي يكتب …المنحة الجامعية حق أم امتياز؟
بناوي عبد الرحيم.
ما أن يحل كل دخول جامعي حتى يطفو إلى السطح نقاش حقوقي حول منحة التعليم العالي ومدى أحقية الطالب لها،ويكون النقاش أكثر سخونة بمناطق يرتفع فيها مؤشر الفقر و البطالة والهشاشة،ولعل جهة درعة تافيلالت بأقاليمها الخمسة نموذجا لهذه المناطق التي ترتفع فيها قيمة المنحة وحاجة الطالب إليها نظرا للعوز المدقع الذي تعرفه جل الساكنة.
وإذا حسمنا منذ البداية أن لكل طالب الحق في منحة مهما كان الوضع الاجتماعي الذي ينحدر منه، ومهما كان دخل والده(وزيرا كان أو شاوش) مكافأة وتثمينا لشهادة البكالوريا التي أحرز عليها من جهة وتشجيعا له على متابعة دروسه الجامعية وحرصا على عدم هدر سنوات تمدرسه الممنوح عليها(ثلاث سنوات ونصف) فإن الأمر سيهون دونما حاجة إلى تمييز بين الطلبة أو تفاضل بينهم لمنح البعض وحرمان البعض بناء على معايير مجحفة لاتنصف بل تثبط همم الطلبة وتذكي فيهم الغل تجاه مؤسساتهم الجامعية المستقبلة والنقمة تجاه المسؤولين عن حرمانهم من منحة رغم ضآلتها فهي تسمن وتغنيهم من جوع.
وكم يكون احتجاج طلاب إقليم الرشيدية شديدا ومبررا عندما نسمع بتعميم المنحة على إقليمي تنغير وزاكورة بدعوى جبر الضرر الجماعي لساكنة الإقليمين وكأن ساكنة الرشيدية تعيش في بحبوحة عيش وتنغمس في رفاه أرحب من أقاليم أخرى يعلم الجميع أن قاسمها المشترك الزلط والميزيرية.
اللهم لاكرها ولاحسدا، فعلى أي أساس يستفيد طالب أمسمرير من أعالي تنغير ويحرم جاره الطالب من أغبالو نكردوس؟ وما مبرر منح طالب من سافلة جماعة النيف من تنغير ويحرم نظيره من جماعة سيدي علي أو الطاوس من الرشيدية؟ أفتونا معشر المسؤولين في هذه التساؤلات التي تؤرق الطلبة وأسرهم؟ ولا شك أنها تؤرقكم وتحرجكم وتجعلكم أحيانا غير قادرين على نشر لوائح الممنوحين.
إنه ميز مجالي بامتياز يعاني منه طالب الرشيدية ومعه طالب ميدلت وورزازات، تنضاف إليه معايير جائرة لتصنيف الطلبة لاستفادتهم من الإقامة بالحي الجامعي الذي لاتتجاوز طاقته الاستيعابية 4000 سرير مقابل أزيد من 40000 طالب بين الكليتين،وهي المعايير التي تمنح الأسبقية لإقامة طلبة الأقاليم الأخرى على حساب طلبة الرشيدية بسبب انتمائهم إلى هذا الإقليم المغبون.
إنه العبث إذن ذلك الذي يحرم أسرة لم يتجاوز دخلها 2000 درهم من منحة بناتها وأبنائها ويستثنيهم من الإقامة بدعوى القرب، وكأن هذا الدخل وفي ظل التهاب الأسعار وارتفاع سومة الكراء وضعف العرض السكني بالمدينة سيوفر للأسرة العيش الكريم ولأبنائها الحق في تعليم جامعي عمومي لائق,وإنه لمن دواعي الإحباط ألا يستفيد طالب ولج كلية الطب من منحة متابعة تكوينه ولمدة سبع سنوات عجاف بفاس أو بالرباط وأجرة والده لم تتجاوز بل لم تبلغ الحد الأدنى للأجور.
إننا إذ نرصد هذا الواقع المرير الذي لانرتضيه لطلبتنا، فإننا نسعى إلى رفع أصواتنا لإيقاظ الضمائر الحية ليترافع كل من موقعه من أجل تعميم حق المنحة على طلبة الجهة بل على كل طلبة المغرب.